◊۩二 رمضــان كريم .. وأعاننــا الله على صيــامه وقيامه 二۩◊

>[|[ دمــــوعـ فـــــرحـ ..!! ]|]< |


يداعب بأطراف أنامله حبات الرمل المتناثرة حوله .. وعلامات الحزن تكسو
وجهه .. وعيناه مصوبتان
النظر أمامه .. إلى البحر ترى جماله .. ليلقي عليه همومه
أتاه من الخلف ومن دون أن يشعر به ربت على كتفه وجلس بجانبه ولم
ينبس ببنت شفه فقد آثر الصمت لأنه لا يريد أن يبدأ بالحديث فجلس ينتظر صديقه لعله يتحدث ولم
يطل انتظاره فتكلم صديقه :
_ كيف علمت أني هنا يا (سالم ) ؟!!
_ لقد بحثت عنك في منزلك فلم أجدك فتوقعت أنك هنا فأنت تعشق هذا
المكان وتذهب إليه دوماً عندما تشعر بضيق وصدق توقعي عندما رأيتك
هنا ..!
ثم دخلا في صمت طويل قبل أن ينطق سالم مرة أخرى
_ يا (ماجد) أخرج ما في قلبك ولا تجعله حبيس نفسك تكلم ألقي علي
ما في داخلك .. فأذني صاغية لما تقول ،،
_ إنها قصة طويلة يا صديقي ولا أريد أن أزعجك بمشكلتي ..!!
_ عن أي إزعاج تتحدث .. أخبرني فلعلي أستطيع أن أساعدك .. أو أنك لا
تثق بقدراتي ؟!!
قالها وابتسامة جميلة تعلو وجهه لتبعث الراحة والطمأنينة في نفس
صاحبه الذي أطلق العنان للسانه ..
_ قبل عام تقريباً كانت بداية قصتي .. في ذلك اليوم كنت أعاني من
فراغ شديد فقررت أن أقضي وقتي في السوق وبينما كنت أتجول إذ
استوقفتني فتاة بقولها : لو سمحت أخي ..!!
رأيت في عينيها المغطيتان بغطاء خفيف الحيرة وعدم القدرة على
التصرف فأردت أن أتكلم وأقول لها
ماذا تريدين ؟!!
ولكنها سبقتني القول وقالت : لقد نسيت محفظتي في البيت ولا أريد أن
يذهب تعبي سدى في شراء الأغراض وهذه ساعتي ورقمي وسيأتي
أخي ليعطيك المبلغ المطلوب !!
رددت إليها ساعتها ورفضت أخذها ولا أعلم كيف أبقيت رقمها في يدي !!
سددت المبلغ المطلوب وذهبت إلى البيت ..!!
لا أعلم هل بت تلك الليلة أم لا .. كان خيالها يمر أمام ناظري .. وصوتها
الجميل يطرب مسمعي .. وعينيها الواسعتين تبحر بي في هذا الشاطئ
لأتخيلهما ..!
كانت حياتي قد تغيرت جذرياً بعد تلك الحادثة .. فإذا مشيت صورتها تترآى
في عيني وعندما أجلس صوتها يترقرق في أذني ..!
يا صديقي حالتي تغيرت منذ ذلك اليوم في البداية كنت أضن أن هذا
إعجاب ولكن هل يدوم الإعجاب سنة كاملة ..!
يا صديقي رأيت فتيات أخريات ولكن قلبي لا ينطق إلا بها ..! ولا أعلم
كيف أستطيع الوصول لها ؟..
_ ألم تقل قبل قليل أنك تمتلك رقم هاتفها ؟..
_ عذراً لقد نسيت .!! ولكن كيف أصل لها ؟؟
_ اتصل بها ..
جلس ماجد يفكر برهة من الزمن ثم قال :
_ هل أنت صادق فيما تقول ؟؟
وبعدها أردف قائلاً :
_أم أنك تستهزئ بي ؟
بانت آثار الجدية تتسم في وجه سالم وهو يقول :
_ حاشا لله هل هذا وقت الاستهزاء ؟؟
وبعد فترة صمت بينهما تكلم ماجد :
_ ولكن كيف أتصل بها ؟.. وماذا أقول لها ؟..
ثم صمت قليلاً ليرى طائر النورس وهو يحلق في السماء عالياً فيهوى
على البحر ويلتقط سمكة من جوفه عندها خرجت من عينيه دمعة
يتيمة
وهو يقول في نفسه : ليتني مثلك يا طائر أهوى على حبيبتي مجهولة
الاسم .!
بعد ذلك قال لصديقه بنبرة حملت الاستهزاء المشوب بالتفكير :
_ أقول لها أنا ذلك الذي تصدق عليك وقد عشقتك وصرت أهوى عينيك
وهمت في حبك .. أم أقول لقد أحببتك من صوتك الخجول ونبرتك
المترددة .!! وأريد أن أتزوجكـِ ؟!!
_ وهل أنت واثق أنها ليست متزوجة أو مخطوبة ؟
انقلب وجه ماجد إلى اللون الأحمر ولم يعرف ماذا يقول أو بماذا ينطق
فلسانه قد ألجم برباط الفجأة التي لم يحسب لها أي حساب ولم يفكر
فيها ولكن سالم تدارك الوضع فقال :
_ هون عليك يا صاحبي .. وإذا شاء الله أن تكون لك لصارت من نصيبك ..
أرمي سهام الليل له .. ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ..!
كلمات سالم هدأت من روع ماجد وخففت من حزنه قليلاً فقد ذكرهـ
صاحبه بربه فاستغفر خالقه لأنه
قصر في العبادات و أنها هي مفتاح الأرزاق .!
جلس الصديقان ينظران للبحر ويتفكرون في عجائبه وما يخبئه في داخله
من غرائب .. فيقطع صمت المكان وصوت الرياح حديث ماجد عندما قال :
_ انظر إلى هذا البحر الواسع .. وكم هو جميل في منظرهـ وعجيب في
حركة أمواجه .. وانظر إلى السمكـ في جوف البحر ..
انظر إلى ألوانه إلى تجمعه في جماعات كثيرة .. انظر إلى هذا البحر
الغدار وتذكر قصة ذي النون يونس عندما التقمه الحوت وعاش في
جوفه - أي الحوت - في جوف البحر ..
انظر إلى هذا البحر الذي كان المشركون يعبدون فيه الله وحدهـ حتى إذا
نجاهم إلى البر رجعوا لطغيانهم وعصيانهم ..
انظر إليه وتذكر قصة ( التايتنك ) تلك السفينة العظيمة التي تحدى أهلها
أن يغرقها الله ربنا وربهم فأغرقها بقدرته ونجا منها قوماً قليلاً لكي يكونوا
عبرةً لمن اعتبر ..
انظر إليه وما يحمله من خير لبلادي بوجود النفط فيه وأنت تعرف ماذا
يعني لنا هذا السائل الأسود ..! فسبحان الله
كان سالم يستمع إليه بحرص وبصمت وهو يستشعر عظمة خلق الله
لهذا البحر فقال :
_ سبحان الله ، نرى كل هذا ومع ذلك نعصيه .. اللهم أغفر لنا إسرافنا
في ذنبنا .
_ آمين .
بعد مدة قصيرة افترق الصديقان وذهب كل واحد منهما إلى سيارته ..
أغلق سالم باب السيارة وهو يقول في نفسه : أي جنون هذا ..! هل
هناك حب من نظرة واحدة ومن حوار قصير ..! كان الله في عون
صديقي ..
وأما في الجهة الأخرى كان ماجد يفكر في كلام صديقه وهو متعجب من
نفسه كيف نسي الالتجاء لربه والدعاء له بصدق وخشوع لكي يتحقق
ما يرجوه ويكمل نصف دينه على تلك التي يحبها ..!
أدار ماجد مفتاح السيارة وأمسك بمقودها واتجه إلى البيت .. وفي
الطريق حدث ما لم يكن في الحسبان !!
يمشي آمناً مطمئناً يتجاوز الإشارة وهي تشير للون الأخضر وإذا بسيارة
أخرى تتجاوز الإشارة الحمراء وهي تمشي بسرعة جنونية وترتطم في
مركبة ماجد ..!
ارتطام شنيع .. وحادث قوي ومن الصعب النجاة منهـ ..!
اتجه المنقذون من فاعلي الخير إلى السيارة الأولى وإذا بصاحبها يلفظ
أنفاسه الأخيرة ووجهه قد لطخ بالدم .. وعندما اتجهوا للسيارة الأخرى
كان صاحبها يتأوه من الألم فأخرجوه منها وكان هو ماجد الذي نجا من
هذا الحادث بمعجزة إلهية .. نقلوهـ إلى المشفى وكانت حياته فيه مملة
ولو أن الزيارات تطفئ نار الملل والألم الذي سببه الحادث سواء كان
معنوي أو نفسي
وفي إحدى زيارات سالم وتقريباً بعد أسبوع من الحادث دار حوار بينهما ..
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كيف حالك يا ماجد ؟
_ وعليكم السلام ورحمة وبركاته ، والحمد لله أنا بخير ونعمة ..
_ كيف الأجواء وأنت على السرير الأبيض ؟
_ لا تنطق باسمه وأنت أمامي فلو كان رجلاً لقتلته ..!
_ أسبوع فقط وتريد قتله فكيف إذا جلست أسبوعاً آخر ؟
_ بالطبع سأقتل نفسي فالحياة كئيبة في هذه الغرفة ..
_ ولكنك تعلم أنك ستجلس هنا أكثر من أسبوع فأنت تعلم أنك لا
تستطيع المشي قبل ذلك ..
_ لا أعلم كيف سأصبر على هذه الحال ولكن الحمد لله على كل حال ..
والصبر مفتاح الفرج !!
_ صدقت ، ولكن كيف صبرك مع حبيبتكـ ؟؟
_ آهـ .. أحاول أن أنساها وأعتبرها من الماضي وأحاول أن أطوي صفحتها
ولكن لا أستطيع .. فأراها
أمامي وفي أحلامي .. ولا أعرف كيف أطردها من خيالي ..!
_ لكن تبقى المشكلة يا ماجد في كيفية الوصول إليها ؟
_ لا أعلم وإن كنت اعلم فلن أتوان في أي لحظة وأذهب إليها لأخطبها ؟..
_ ولكن هل أخذت رأي أهلك في الموضوع ؟
للمرة الثانية يحس ماجد بأن الطريق مغلق أمامه ففهم صديقه ذلك من
وجه فقال له :
_ لا تخف ، مشكلة عائلتك سهلة المهم الآن البنت ..!
_ شكراً لك صديقي .. كم أنا ممتن لكـ ..!
_ لا داعي للشكر وإن لم أساعدك .. أساعد من ؟!!
فضَل ماجد الصمت على الكلام ورأى أن يكون شكر صديقه بالفعل ..
وبعد أسبوع من هذه الحادثة أجاز الطبيب ماجد في أن يغادر المشفى
وأن يهتم بساقه جيداً ويستخدم ( العكازات ) لمدة شهر على الأقل ..!
انقضى الشهر بسرعة وذهب إلى الطبيب ليخلع ( الجبس ) الذي كان
يحمي ساقه ..
وعندما خرج من المستشفى أتجه لصديقه سالم وذهبا إلى البحر كي
يقضون وقتاً ممتعاً بعد هذا الشهر
الكئيب بالنسبة لماجد ..
ماجد وسالم يعشقان البحر ودائما الذهاب إليه فهم يضنون أنه يحمل
همومهما ومشاكلهما ويلقيها في داخله لذا لا يستطيعون فراق البحر ،،
وفي إحدى الأيام اتجه ماجد للسوق ليشتري عطراً وبينما هو في محل
العطور ..
_ هل أجد عندك عطر ( ..... ) ؟
_ نعم موجود ؟
_ أعطني واحداً من فضلك ..!
_ انتظر دقيقة ، سأحظره من الداخل .
أخذ ماجد يتجول في الدكان وإذا بذلك الذي يناديه فالتفت إليه فوجده
البائع ومعه كيس و بها عطر فذهب
له ..
_ شكراً لك ، كم ثمنه ؟
_ بـ 450 ريال ولكن أتت امرأة قبل قليل وأنت تتجول وسألتني عن مبلغه
ودفعت النقود لي !!
أصابت الحيرة وجه ماجد وبان ذلك في ملامحه فسأل البائع ؟
_ كيف ؟؟ وأين هي ؟
_ أترى ذيك الفتاة الخارجة من الباب .. إنها هي .!
لم يجب ماجد على البائع واتجه مباشرة إلى الباب ولحق الفتاة التي اتجهت لخارج السوق ..
(( إنها هي .. نعم هي .. إنني أعرف مشيتها .. لا بد أن أتبعها وأرى من
هي ))
كان ماجد يردد هذه الكلمات في نفسه بعد أن عرف أن الذي دفع القيمة
هي حبيبته ..
رآها تتجه لأحد السيارات فتبعها من دون أن تشعر وإذا بها سيارة زميله
مازن الذي رمق ماجد من بعيد فخرج من السيارة واتجه إلى زميله
ليصافحه ..
كانت فرح تنظر إلى أخيها وهو يتجه إلى صديقه الذي تحبه ولكن لم
تصرح لأحد حبها .. ابتهلت أساريرها بالطبع فهذا يقربها منه ..! وتقول :
يا ليته يعلم بحبي له ..
رجع مازن للسيارة فبادرته فرح بالسؤال :
_ من هذا ؟
_ هذا زميلي ماجد في الكلية ..
ما أجمله من أسم هكذا قالت فرح في نفسها ..
لم تكن تظن أن الصدفة والأقدار ستجمعها مع ماجد مرة أخرى ..
وكذلك الحال بالنسبة لماجد الذي لم يتوقع أن يكون زميله هو أخ
حبيبته ..!
لم ينتظر ماجد لحظة بعد وداع زميله فاتصل بسالم وطلب منه مقابلته ..
اتجه سالم مباشرة إلى البحر وإلى مكانهما المعتاد ينتظر قدوم ماجد
الذي قدم بعد عدة دقائق
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_ أهلاً وسهلاً .. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ثم أردف ..
_ مالي أراك سعيداً هذا اليوم ؟
_ رأيتها .!!
_ رأيتَ من ؟
_ رأيت أخت مازن ..!
_ ومن مازن هذا ؟
_ زميلنا في الكلية ..
لم يستوعب حتى الآن سالم كلام ماجد فعرف ماجد ذلك وقال :
_ حبيبتي هي أخت مازن ولقد رأيتها اليوم معه
وقال ما حدث بينه وبين فرح وبين أخيها مازن بالتفصيل ..
فقال سالم :
_ وكيف عرفت أنها أخت مازن ؟
_ لا أعلم .. توقعت ذلك
_ أنت متسرع جداً يا ماجد
ثم أكمل :
_ ولكن ليس هنالك أي مشكلة .. سنتأكد بأنفسنا
_ كيف ؟
_ نحاول أن نتقرب إلى مازن .. ونرى هل هو متزوج أولا .. فربما تكون
حبيبتك زوجته !
_ شكراً لك يا أبا الأفكار .. لا أتخيل حياتي بدونك
_ ألم أقل لك أنه ليس للشكر أي داع
تصافحا وافترقا .. وقررا القرب من مازن
وبعد شهر تقريباً أصبح الثلاثة أصدقاء فمازن طيب الخلق ولم يرو فيه إلا
كل خير
وذات مرة جلس ماجد وسالم بمفردهما فقال ماجد :
_ والآن كيف نصل لأخت مازن ؟!!
_ تدعو مازن وأهله للعشاء في منزلك وبعدها تقول لأمك ما رأيك بأخت
مازن ؟
_ وإن قالت لي كيف عرفتها ؟
_ قل لها رأيتها بالصدفة في منزل مازن !!
اتصل ماجد مباشرة بمازن واخبره بأنه مدعو غداً في منزله هو وعائلته
وبعدها قال لسالم :
_ وأنت كذلك مدعو أنت وعائلتك في بيتي .. ولا داعي للعذر
_ شكراً لكـ وبإذن الله سآتي .
اجتمع الأصدقاء في منزل ماجد وتبادلا أطراف الحديث حتى جاء وقت
العشاء وتناولوه وبعدها ذهب
سالم ومازن وانطلق ماجد مباشرة إلى والدته وقال لها :
_ هل رأيتِ أخت مازن ؟
_ نعم ، ولماذا تسألني ؟؟
_ ما أسمهما ؟
_ فرح ، ولكن ما سبب السؤال ؟
_ ما أجمله من أسم !!
ابتسمت أم ماجد ابتسامة خبيثة وهي تنظر لابنها وتقول له :
_ لم تجب على سؤالي يا ماجد ؟
_ رأيتها بالصدفة وأعجبتني وأريد أن أخطبها ؟
_ مباركـ عليكـ
قالتها وهي تكاد تطير من الفرح لطلب ابنها فهي تريد أن ترى أحفادها
وكذلك رأت الفرح في عيني ماجد .. ثم أردفت :
_ سأتصل بأهلها غداً ، واطلب منهم ذلك ..
_ لا بل الليلة ..
_ إلى هذه الدرجة أنت مستعجل .. حسناً أذهب وأحضر الجوال ..
اتصلت أم ماجد بأم مازن وأخبرتها بطلبها ولم تمانع أم مازن بل ورحبت
بهم غداً في منزلها وأنها ستأخذ رأي ابنتها ..
كنت ليلة سعيدة النسبة لماجد لدرجة أنه لم ينم تلك الليلة ..
وفي الغد انطلق ماجد ووالدته لمنزل مازن الذي استغرب حضور صديقه ،
وذهب لوالدته فأخبرته أنهم جاؤوا لخطبة أخته
لم تتردد فرح ووافقت على الفور وذلك بعد أن أخبرها مازن بحسن أخلاق
ماجد ..
وحددوا الزواج بعد 3 شهور وبالتحديد في الإجازة الصيفية ..
وفي يوم الزواج كانت الأسرتين سعيدتين والفرحة تكسو وجه
العروسين ..
وعلى كوشة الفرح ماجد يمسك بيد فرح ودمعة تسقط من عينيها لتعلن
نهاية عذاب لهما الاثنين بعد حب من أول نظرة !
سقطت دمعة فرح من عين فرح فأزالها ماجد وهو ينظر لها بابتسامة
ساحرة ويكتب على باطن يدها بأصبعه
( أ ح ب ك )
فسقطت دمعة أخرى على يدها
تـمـت ،،
26-10-2007
كتب / خالد البراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق